استعرضت غلا بهية، المنتخبة عن جهة الداخلة وادي-الذهب، دينامية الدعم الدولي المتنامي لمخطط الحكم الذاتي، الذي قدمه المغرب من أجل الطي النهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء، وذلك في كلمة تم تعميمها على المشاركين في المؤتمر الإقليمي للجنة الـ24 لمنطقة الكاريبي، المنعقد ما بين 14 و16 ماي الجاري في كاراكاس بفنزويلا.
وأكدت بهية أن “المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحظى بدعم أزيد من 107 دول، كما قامت حوالي 30 دولة ومنظمة إقليمية بفتح قنصليات عامة لها في مدينتي العيون والداخلة”، مضيفة أن مخطط الحكم الذاتي يعد حلا سياسيا يحظى باعتراف واسع وينسجم مع مسلسل الجهوية الموسعة الذي يعمل المغرب على تنزيله.
وأبرزت أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تظل “المخطط الوحيد الذي يتسم بالواقعية ويستشرف المستقبل”، وأن تطبيقه سيضع “حدا لمعاناة أخواتنا وإخواننا المحتجزين في مخيمات تندوف” جنوب غرب الجزائر.
وذكرت بهية، التي شاركت في هذا المؤتمر بدعوة من رئيسة لجنة الـ24، بأن مخطط الحكم الذاتي، الذي وصفته القرارات الـ20 لمجلس الأمن منذ سنة 2007 بالجدية والمصداقية، يروم بشكل مشروع التوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وأوضحت المسؤولة المنتخبة عن الصحراء المغربية أن هذه المبادرة تستند إلى ركيزتين: إحداث مؤسسات محلية ذات تمثيلية تخول لساكنة الصحراء المغربية حقوقها السياسية والاجتماعية والثقافية، والحفاظ على سيادة المغرب التاريخية على هذه المنطقة، تماشيا مع القانون الدولي.
وسجلت أن تنفيذ مخطط الحكم الذاتي سيسرع وتيرة التنمية السوسيو-اقتصادية ويضمن تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة.
وسلطت بهية الضوء على الرؤية الملكية الرامية إلى بناء صرح مجتمع حديث وديمقراطي في الصحراء المغربية، مشيرة إلى أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أطلق سنة 2015 النموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية، الذي رصدت له ميزانية تبلغ 10 ملايير دولار.
وأشادت بإنجاز أكثر من 80 بالمائة من المشاريع السوسيو-اقتصادية والمهيكلة المندرجة في إطار هذا النموذج التنموي الجديد، الذي يروم إحداث أزيد من 120 ألف منصب شغل ومضاعفة الناتج الداخلي الخام المحلي.
وبخصوص جهة الداخلة-وادي الذهب، أشارت بهية إلى أن هذه المنطقة استفادت من العديد من مشاريع البنيات التحتية، ومن بينها الطريق السريع تيزنيت-العيون-الداخلة على امتداد 1055 كلم، وكذا ميناء الداخلة الأطلسي، فضلا عن توسيع الشبكة الكهربائية.
وبفضل رؤية ملكية مستنيرة، تتابع بهية، يهدف مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، الذي تطلب استثمارات تناهز 10 ملايير درهم، إلى تحفيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية في الأقاليم الجنوبية، لا سيما جهة الداخلة-وادي الذهب.
وتابعت بالقول “هذا المشروع يطمح إلى جعل الجهة قطبا صناعيا رئيسيا، يدعم تطوير صناعة بحرية قوية، ويعزز تموقعها في ملتقى طرق استراتيجي، كما يتيح الولوج إلى القارة الإفريقية”.
وسجلت بهية أن هذا الميناء الجديد موجه لاستيعاب التدفقات المستقبلية لمنتجات الصيد البحري، لاسيما استغلال مخزونات الأسماك السطحية الصغيرة بالمنطقة “ج” (بوجدور-الكويرة)، وسيشكل رافعة لوجستية واقتصادية للتنمية السوسيو-اقتصادية في هذه المنطقة جنوب المغرب.
وأشارت المنتخبة عن الصحراء المغربية إلى أن الميناء يرتقب أن يساهم في تسهيل الأنشطة المرتبطة بالصيد داخل المنطقة الحرة الجديدة، بما في ذلك العمليات التجارية وكذا حركة النقل المرتبطة بالمناطق الداخلية في مدينة الداخلة.
وقالت إن العديد من المؤسسات ستواكب تطوير القدرات المحلية، مشيرة في هذا الصدد إلى مشاريع تهم على الخصوص تحويل المركز الاستشفائي الجهوي إلى مركز استشفائي جامعي، وإنشاء “مدينة المهن والكفاءات” وافتتاح كلية الطب.
وعلى الصعيد الثقافي، لاحظت المتحدثة أن المغرب أطلق سلسلة من المبادرات تروم الحفاظ على الثقافة الحسانية وإدماجها والنهوض بها، تماشيا مع مقتضيات الدستور، موضحة أنه تم افتتاح العديد من المكتبات العمومية ويتم تنظيم العديد من المهرجانات الثقافية والموسيقية بمختلف مدن الصحراء المغربية، مثل الداخلة والعيون وطانطان.
كما تم إنشاء ناد ثقافي ومكتبة وسائطية، ومتحف (الداخلة) ومعهد للموسيقى الحسانية ومركز للحفاظ على الثقافة الحسانية، مضيفة أن هذا المركز تمكن من جمع أزيد من 400 مخطوطة من الشعر الحساني.
وأشارت إلى أن التمكين الاقتصادي والاجتماعي غير المسبوق أضحى سمة للصحراء المغربية، باعتبارها قطبا اقتصاديا إقليميا.
وفي هذا الإطار، لفتت إلى أن المبادرات الملكية الثلاث، وتشمل خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، والمبادرة الأطلسية الإفريقية، والمبادرة الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، ستجعل من الصحراء المغربية فضاء للأمن والاستقرار والتنمية المشتركة في إفريقيا، وفي فضاء المحيط الأطلسي وفي العالم.
وبعد أن ذكرت بمضامين الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، الذي استعرض من خلاله صاحب الجلالة الملك محمد السادس رؤية جيوسياسية طموحة للمغرب تتمحور حول تحويل الواجهة الأطلسية، أكدت المتدخلة أن الهدف الذي رسمه جلالة الملك يتمثل في جعل هذه المنطقة فضاء للتواصل الإنساني، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي.
وأضافت أن جلالة الملك أعرب عن عزمه الحرص على استكمال المشاريع الكبرى، التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، والتي تهم تطوير الخدمات والبنيات التحتية المرتبطة بالتنمية البشرية والاقتصادية.
وبخصوص وضعية المرأة في الصحراء المغربية، أشارت السيدة بهية إلى أن النساء يضطلعن بدور ريادي في المجتمع، حيث يحظين بمشاركة سياسية بارزة على غرار باقي جهات المملكة.
وأوضحت أن النساء في الأقاليم الجنوبية يزاولن المهام الانتخابية على المستوى المحلي والإقليمي والوطني، ويشاركن في تدبير الشؤون المحلية من خلال المجالس الجهوية والمحلية المنتخبة في إطار الجهوية المتقدمة التي اعتمدتها المملكة، كما تطرقت إلى المشاريع التي ساهمت في الارتقاء بظروف عيش الفئات الهشة وتوفير أنشطة مدرة للدخل في المنطقة.
وذكرت أن مشاريع اجتماعية أخرى ساهمت في إدماج آلاف النساء في سوق الشغل، مسجلة حضور النساء في الصحراء المغربية على مستوى البرلمان والمجالس الجهوية والمجالس البلدية، كما أنهن يتمتعن بالحقوق والحريات ذاتها على قدم المساواة مع مواطني باقي جهات المملكة.
من جانب آخر، أعربت غلا بهية عن الأسف إزاء “الظروف المزرية” التي تعيشها النساء المحتجزات في مخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، حيث يتعرضن لمختلف أشكال سوء المعاملة والتعذيب، بما في ذلك الاغتصاب.
وأدانت انتهاك حقوق النساء والأطفال في مخيمات تندوف دون تدخل البلد الحاضن، الذي يواصل رفض السماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الاضطلاع بمهمتها الإنسانية في حماية ساكنة هذه المخيمات، بما في ذلك النساء والأطفال”. وأكدت أن هذا الوضع يستدعي بالضرورة إحصاء هذه الساكنة.
وفي هذا السياق، أدانت دور جماعة “البوليساريو” الانفصالية والدولة الحاضنة، الجزائر، في الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان في هذه المخيمات، كما تؤكد ذلك تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وتكشف هذه التقارير عن ارتكاب الميليشيات الانفصالية للاعتداء، والاعتقالات وإساءة المعاملة في حق المدونين والأطباء والممرضات في مخيمات تندوف، وذلك على نطاق واسع.
كما استنكرت بهية الظروف المزرية للمحتجزين في هذه المخيمات بسبب اختلاس “البوليساريو” للمساعدات الإنسانية، كما أكد ذلك برنامج الأغذية العالمي ومكتب مكافحة الاحتيال التابع للاتحاد الأوروبي.
وذكرت بأن برنامج الأغذية العالمي رصد في تقريره لسنة 2023 اختلالات كبرى في تدبير المساعدات بمخيمات تندوف، لاسيما بيع منتجات البرنامج في أسواق البلدان المجاورة.
وختمت بهية بمناشدة المجتمع الدولي إجبار الجماعة الانفصالية المسلحة والدولة الحاضنة، الجزائر، على وضع حد لهذه الانتهاكات، والكف عن تجنيد الأطفال، والسماح بتسجيل وإحصاء الساكنة المحتجزة في مخيمات تندوف.