نشر الصحافي الإسباني فرانسيسكو كاريون، حوارا افتراضيا مع المدعو محمد زيان يوم أمس الإثنين بجريدة ” الأنديباندينتي” التابعة لليسار القومي الاسباني والتي تضم في صفوفها الخلفية كلا من علي المرابط وصديقه صامبريرو، وشلة من عملاء الخارج.
والمعروف لدى الرأي العام الأسباني أن هذه الصحيفة تمول من طرف المخابرات الجزائرية، وخاصة عجزة الجنيرالات المقيمين في اسبانيا، والذين كانت تتحدد مهامهم في تلقي عمولات عمليات تصدير الغاز، ولأن هؤلاء العجزة لهم أرصدة خيالية، فقد أصبحوا موردا لتمويل عملاء اسبان ضد اسبانيا نفسها، وهي تماما حالة صحيفة ” الأنديباندينتي” التي سبق للبرلمان الاسباني أن اشتكى من تبعيتها للجزائر إبان الازمة التي نشبت بين البلدين قبل سنتين.
سنترك الحديث عن وكر العملاء الاسبان بجريدة” الأنديباندينتي” الى مناسبة أخرى، لنتفرغ لما جاءت به هذه الصحيفة من حوار افتراضي مع المدعو محمد زيان، أكبر مشهر في التاريخ، وأكثر الألسنة سلاطة لكن ليس في قول كلمة الحق، وإنما في التشهير وصناعة الكذب ونسج الإشاعات والتضليل، ولعل آخر تصريحاته لإحدى الصحف الاسبانية اليسارية المعروفة بعلاقاتها المتشعبة مع الجزائر، لهي اكبر دليل على أن زيان هو راعي “التشهير” ومنظر “التظليل” لدى مرتزقة الداخل والخارج.
لكن قبل أن نخوض في مضامين هذا التصريح لابد لنا من التساؤل عن الكيفية التي أجرت من خلالها هذه الصحيفة الاسبانية مقابلتها مع محمد زيان الذي يقبع في سجن العرجات، لأن علامات استفهام كبرى تحوم حول مصداقية هذا العمل الصحفي، هل كان هناك فعلا مقابلة صحفية أم أن الأمر ليس سوى أكذوبة من نسج خيال الصحفي الاسباني، لاسيما وانه معروف بدفاعه عن النظام الجزائري حتى في أوج الأزمة بين الجزائر واسبانيا كان مدافعا ضد بلاده، هذا من جهة، ومن جهة أخرى حتى وان افترضنا جدلا أن المقابلة الصحفية قد تمت بالفعل، فما مدى احترامها لشروط ومعايير العمل الصحفي خصوصا وان الأمر يتعلق بسجين، فهل تمت بشكل مباشر أو عن طريق طرف ثالث، وهل كانت شفهية ام مكتوبة، وما هي خلفياتها..؟ وهي في الحقيقة أسئلة تصب في اتجاه واحد ألا وهو التشكيك في صدق هذا العمل الصحفي سواء من ناحية الفعل او الشكل والمضمون.
ولأننا قررنا ان يكون ردنا على من يقفون خلف مثل هذه المنشورات الخبيثة، ردا مهنيا، فسيكون المنطق سلاحنا في هذه المهمة حتى يتأكد القراء من أن مرتزقة الداخل والخارج الذين يدعون تعرضهم للتشهير، هم في الواقع اللذين يتفننون في ممارسته ضد كل من يحاول عرقلة طريقهم نحو تدمير هذا البلد، فالأمر يتعلق بكتيبة من العملاء المنظمين تنظيما محكما، وان حاولوا إخفاء علاقاتهم المتشعبة لكن خيطا رفيعا دائما ما يكشف حقيقة تآمرهم على الوطن، ألا وهو خيط الجزائر، التي تحتضن وتمول وتدعم عمل هذه الكتيبة من العملاء في حربها ضد المغرب، والتي كان ولا يزال محمد زيان، أحد مهندسي أساليب اشتغالها، وكيف لا وهو من كان إلى جانب علي لمرابط والمعطي منجب من كبار عرابي العملاء والخونة بالمغرب.
وبالعودة إلى مقال الصحيفة ” الأنديباندينتي” الاسبانية المعروفة بقربها من الجزائر، والتي نشرت ما أسمته بالمقابلة الصحفية مع المدعو زيان والعهدة هنا على كاتب المقال، فإن محمد زيان لم يذخر جهدا في إطلاق سيل من الأكاذيب والتهم الزائفة والأفكار المظللة حول النظام السياسي بالمغرب، التي تكاد أن تكون أقرب إلى الجنون منه إلى فيلم للخيال العلمي، وهي بالمناسبة نفس الاسطوانة التي اشتهر زيان بترديدها، شأنه شأن باقي أفراد فرقته، والتي ليس من الصعب كشف زيفها وبهتانها وكيف أنها تدخل ضمن عمليات التظليل الإعلامي الذي يروم التشهير بالمغرب ومؤسساته، في سياق ما يتعرض له المغرب من حملة ممنهجة من قبل وسائل الإعلام الجزائرية وبعض الأبواق المعادية للمملكة، داخل وخارج ارض الوطن.
لقد ادعى كاتب المقال حسب زعمه نقلا عن المدعو زيان أن المغرب لم يتخذ أي موقف داعم للقضية الفلسطينية خلال حرب غزة الأخيرة، وقال أن تصريحات البابا “فرانسوا” حول غزة كانت أقوى من تصريحات جلالة الملك محمد السادس، وهي كلها أكاذيب لا يمكن لعاقل أن يصدقها، لا لشيء سوى لسبب بسيط هو أن الحرب على غزة كانت موضوع بلاغات رسمية لوزارة الخارجية المغربية، بل وصدرت لأجلها رسالة ملكية قالت ما لم يستطع قوله حتى أكثر المدافعين شراسة عن القضية الفلسطينية، فقد حملت إسرائيل كامل المسؤولية على الأرواح التي أزهقت والدماء التي أسيلت خلال الحرب، فأين كان كاتب المقال عندما كانت هذه البلاغات تتصدر عناوين وكالات الأنباء الدولية، أم انه عندما يتعلق الأمر بالمغرب فإنه لا يستقي معلوماته سوى من قصاصات الأخبار الصادرة عن وكالة الأنباء الجزائرية، فهي الوحيدة التي لا تنشر دفاع المغرب عن القضية الفلسطينية لأنها منشغلة بنشر القصاصات الكاذبة المنقولة عن الخونة والمجانين.
إن ممارسة التظليل عبر الافتراء على المغرب بالأكاذيب ثم الادعاء بالتعرض للتشهير، هي خطة باتت مكشوفة، وقد تعودنا على تفكيك طلاسمها، ونعلم جيدا أنها تدخل ضمن محاولات تهريب النقاش والتمويه على الفعل الأصلي ألا وهو الخيانة والعمالة والارتزاق من الخارج على حساب سمعة الدولة وقضاياها المصيرية، مثلما ندرك جيدا أن خيوط المؤامرة الدنيئة التي تحاك ضد المغرب، نعم تتم بأيادي مغربية، لكن خيوطها تحرك من داخل المكاتب المغلقة للأجهزة السرية المتربصة بالمملكة وعلى رأسها الجزائر.
أما بخصوص محمد زيان نفسه، فمهما أبدع في نسج قصص التظليل، وروايات التشهير، ومهما حاك خياله المريض من أكاذيب تروم تشويه سمعة المغرب ورجالات الدولة المغربية، فإن كل ذلك لن ينسي المغاربة أن زيان كان سوط إدريس البصري الذي يجلد به المعارضين، ومنشفته التي يمسح بها جرائمه في حق السياسيين، أليس زيان من أمعن في تعذيب ابراهام السرفاتي في سجنه..؟ أليس زيان من وضعه في حقيبة سيارته وذهب به إلى المطار ليطرده من المغرب نحو المنفى..؟ هي أسئلة يعلم المغاربة إجاباتها مثلما يعلمون أن حقد زيان على السرفاتي يجد سنده في تاريخه الاسباني، كيف لا و هو كريستوف مارتان المسيحي الاسباني ابن الكنسية الذي تحول بقدرة قادر إلى خنجر في خاصرة المعارضة المغربية.