تميزت سنة 2023، بمجموعة من المبادرات والوجيهات الملكية السامية لتعزيز الترابط الشعبي ودعم أسس الدولة الاجتماعية، ما يؤكد الالتزام الراسخ لصاحب الجلالة الملك محمد السادس تجاه شعبه.
وشهدت هذه السنة تطورات معقدة تراوحت بين لحظات الفرح والحزن، مما استدعى إجراءات جديدة ومبادرات وتوجيهات ملكية سامية لتجاوز الأزمة ومواصلة مسيرة التنمية المغربية في كافة المجالات.
مونديال 2030: إعلان ملكي تاريخي
ففي 14 مارس 2023، أعلن صاحب الجلالة الملك محمد السادس قرار المغرب الانضمام إلى ملف إسبانيا والبرتغال لتقديم ملف مشترك لاستضافة كأس العالم 2030.
وأوضح جلالة الملك في رسالته، التي تمت قراءتها بواسطة وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، أن هذا الترشيح المشترك، الذي يعد فريدًا في تاريخ كرة القدم، سيكون تجليًا للتواصل بين أفريقيا وأوروبا، وبين شمال وجنوب البحر الأبيض المتوسط، وبين العالمين الأفريقي والعربي والأورومتوسطي.
زلزال الحوز: اختبار تجاوزه المغرب بفضل قيادة صاحب الجلالة
في ليلة 8 سبتمبر الماضي، ضرب زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريشتر المغرب، متسببا في كارثة إنسانية غير مسبوقة بمنطقة الحوز.
وفي اليوم الموالي لهذه الكارثة الطبيعية، يوم السبت 9 سبتمبر 2023، ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس جلسة عمل في القصر الملكي بالرباط بحضور ولي العهد الأمير الجليل مولاي الحسن لتقييم الوضع.
وبهذا الصدد، قدم جلالته توجيهات واضحة لتسريع عمليات الإغاثة في الميدان وإنشاء لجنة حكومية خاصة بشكل عاجل لتنفيذ برنامج طارئ يهدف إلى إعادة تأهيل ومساعدة إعمار المنازل المدمرة في المناطق المنكوبة في أسرع وقت ممكن.
أصدر صاحب الجلالة أيضاً توجيهاته السامية للعناية بالأشخاص الذين يعانون، مع التركيز على الأيتام والأفراد الضعفاء. وشدد على ضرورة ضمان الإيواء الفوري وتوفير الغذاء وجميع الاحتياجات الأساسية للأشخاص الذين أصبحوا بلا مأوى بسبب الزلزال، كما أطلق جلالته نداءً لمشاركة القطاع الاقتصادي لتعزيز النشاط والبناء السريع في المناطق المتأثرة.
بالإضافة إلى ذلك، دعا صاحب الجلالة إلى فتح حساب خاص لدى الخزانة وبنك المغرب لجمع التبرعات الطوعية من المواطنين والكيانات الخاصة والعامة. وحث أيضاً مؤسسة محمد الخامس للتضامن، في جميع أبعادها، على التفاعل بشكل كامل لتقديم الدعم والمساعدة اللازمة لمواطني المناطق المتضررة.
ولم يمض وقت طويل بعد ذلك حتى زار صاحب الجلالة الملك محمد السادس مستشفى مراكش الجامعي “محمد السادس”، حيث تبرع بالدم وزار جرحى الزلزال، معبِّرًا بذلك عن اهتمامه الحقيقي والعميق بصحة وأحوال الأشخاص المتضررين من الزلزال. وتُظهر هذه الخطوة الملكية، التي ترمز إلى دعم قوي من ناحية النفسية للضحايا وعائلاتهم، تعزيز الإجراءات المتنوعة التي اتُخذت بالفعل، مما يظهر التزاماً مستمراً نحو تخفيف المعاناة ومساعدة الأفراد المتأثرين بزلزال الحوز.
الحماية الاجتماعية، ومدونة الأسرة، والزلزال…
في خطابه أمام البرلمان بمناسبة الدورة الأولى للسنة التشريعية الثالثة للولاية الحكومية الحادية عشرة، أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس على أهمية الأسرة في المجتمع المغربي. وتطرق إلى مراجعة قانون الأسرة، مؤكداً أن الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع، وشملت كذلك خططاً لتعزيز التماسك الاجتماعي، بما في ذلك مشروع توسيع التغطية الاجتماعية.
أعلن صاحب الجلالة أيضاً عن تنفيذ برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي يستهدف فئات متنوعة، بما في ذلك الأطفال في سن الدراسة، والأطفال ذوي الإعاقة، والرضع، والعائلات المحتاجة، والتي تعيش في ظروف هشة. ويهدف هذا البرنامج إلى تحسين مستوى المعيشة، ومكافحة الفقر والهشاشة، وتحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والإنسانية.
وشدد جلالته على أهمية التضامن لتحسين إنتاجية المجتمع وريادته الاقتصادية، وقد تلقت الحكومة توجيهات لتنفيذ البرنامج تدريجياً، مع احترام مبادئ التضامن والشفافية والعدالة.
علاوة على ذلك، دعا صاحب الجلالة إلى ترشيد البرامج الاجتماعية الحالية، مع ضمان فعاليتها واستدامة مواردها المالية. وشدد جلالته على ضرورة الحكامة الجيدة، مع وجود آلية للمتابعة والتقييم، ودعا جلالته البرلمان أيضاً إلى أداء دور في نشر القيم التقليدية وتحقيق مشاريع وإصلاحات ذات أهمية.
وفي الختام، حث جلالته أعضاء الغرفتين على البقاء يقظين وملتزمين في الدفاع عن القضايا الوطنية والمصالح العليا للوطن.
إعادة إطلاق ملكي لمبادرة أفريقيا الأطلسية
في خطاب للأمة بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، دعا صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى إعادة إطلاق مبادرة أفريقيا الأطلسية (IAA)، كفضاء جيوسياسي لتعزيز التعاون والتنمية، في إطار أوسع على مستوى دولي.
وأشار جلالته إلى أن الواجهة الأطلسية للمغرب تشكل بوابة إلى أفريقيا وأمريكا، ولذا فإنه من الضروري مواصلة العمل لجعل الواجهة الأطلسية للصحراء مساحة للتكامل الاقتصادي والنهوض، من خلال تعزيز اقتصاد بحري يخدم سكان المناطق الجنوبية للمملكة.
في هذا السياق، تم عقد اجتماع تنسيقي وزاري في مراكش في 23 ديسمبر الماضي، بدعوة من ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج. شارك في هذا الاجتماع وزراء خارجية بوركينا فاسو وجمهورية مالي وجمهورية النيجر وجمهورية تشاد.
في نهاية هذا الاجتماع، أعرب الوزراء عن شكرهم لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على مبادرته وعرض المملكة المغربية توفير بنيتها التحتية الطرقية والبحرية والحديدية لدعم مشاركتهم في التجارة الدولية. كما أكدوا انضمام بلدانهم إلى هذه المبادرة الإقليمية والدولية الرائدة. اتفق الوزراء على إنشاء “فريق عمل وطني” في كل بلد لإعداد واقتراح السبل لتنفيذ هذه المبادرة.
المغرب والإمارات: تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين
افتتح المغرب ودولة الإمارات العربية المتحدة خلال عام 2023 فصلاً جديدًا يهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين الشقيقين، زيارة العمل والأخوة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في 4 دجنبر الماضي، تُعتبر رمزًا قويًا للوحدة والتضامن بين البلدين. وعرفت لقاءات جلالة الملك محمد السادس مع رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان توقيع العديد من الشراكات والاتفاقيات الثنائية، مما يعكس علاقة شخصية قوية وتطلعات استراتيجية مشتركة.
بصحبة وفد كبير، أكد جلالة الملك أن التزام المغرب تجاه هذا التحالف الثنائي من خلال توقيع “إعلان تجديد شراكة مبتكرة ومتجددة بين المملكة المغربية وإمارة أبوظبي”، حيث تم التوقيع على مذكرات تفاهم تغطي مختلف القطاعات الحيوية. تعكس هذه المذكرات التطلع المشترك نحو تعزيز التعاون الاقتصادي والصناعي والاجتماعي.
بهذا، يظهر الإلتزام المستمر بتعزيز التعاون الدولي والإقليمي من قبل المملكة المغربية، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وذلك من خلال المشاركة في مبادرات تاريخية والتفاعل بفعالية على الساحة الدولية، مما يعكس التزامًا قويًا بتحقيق التنمية والاستقرار.
