يواصل نظام العسكر الجزائري مناوراته البئيسة لإصلاح ما افسده مع دول الساحل والصحراء، حيث سارع الزمن لوقف نزيف خسائره الدبلوماسية والاقتصادية في المنطقة، وخصوصا ما يتعلق بملف خط الغاز نيجيريا – النيجر – الجزائر، وهو الأمر الذي دفع وزير خارجيته أحمد عطاف، للاجتماع بنظيره النيجيري باكاري ياوو سانغاري، بعيْد أيام فقط من اجتماع هذا الأخير في مراكش، مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ونظرائه في كل من مالي وبوركينافاسو وتشاد، لبحث المبادرة الدولية لجلالة الملك محمد السادس، التي تضمن وصول هذه الدول إلى المحيط الأطلسي.
وقالت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الجزائرية بالخارج، في بيان لها، أن عطاف اجرى محادثات “مطولة” مع نظيره النيجري تركزت حول تقييم علاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، “لا سيما الطريق العابر للصحراء، لما له من دور في فك العزلة وتنمية منطقة الساحل برمتها”، كما استعرض الوزيران “تطورات الأوضاع في المنطقة، وبخاصة الأزمة في النيجر”، وأبرز البيان أن الوزير النيجيري “أشاد بدور الجزائر في دعم بلده للخروج من الأزمة الحالية”.
ويأتي هذا اللقاء، بعد أسبوع من وصول يوسف توغار، وزير خارجية نيجيريا، إلى الجزائر من أجل المشاركة في أشغال الدورة العاشرة رفيعة المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا التي احتضنتها مدينة وهران، حيث كان حذرا في تصريحاته بخصوص مشروع خط الغاز، إذ قال إن هناك “تقدما في الجزائر ونيجيريا”، في حين استثنى النيجر التي يمر منها الخط بالضرورة، كما تحدث عن “أهمية الديمقراطية في إفريقيا لتتمكن مختلف دول القارة من الاستفادة من هذه المشاريع الاستراتيجية”، وفق ما أوردته على لسانه وسائل إعلام جزائرية.
ويرتبط هذا الأمر، حسب العديد من المتتبعين، بإعلان النيجر، في أكتوبر الماضي، أنها لم تقبل بالمبادرة الجزائرية بخصوص الأزمة التي تلت الانقلاب على الرئيس السابق محمد بازوم، وقال بيان لوزارة خارجيتها إن هذه الأخيرة فوجئت بتصريحات الحكومة الجزائرية التي ذكر فيها أن النيجر قبلت الوساطة التي عرضت على الجيش فترة انتقالية مدتها ستة أشهر”، مشددة على أن مدة الفترة الانتقالية لا يحددها إلا “منتدى وطني شامل”، وأوضحت أن “السلطات النيجرية أعربت عن استعدادها لدراسة عرض الجزائر للوساطة”، ولم توافق عليه.
وشكل ذلك ضربة قوية لمصداقية الجزائر، خصوصا أن من يقف وراء المبادرة هو رئيس الجمهورية المعين عبد المجيد تبون، لتقول خارجيتها في بيان إن الحكومة قررت “إرجاء الشروع في المشاورات التحضيرية المزمع القيام بها إلى حين الحصول على التوضيحات التي تراها ضرورية بشأن تفعيل الوساطة”، قبل أن تفاجأ بعد ذلك بوجود تقارب كبير بين نيامي والرباط، تزامنا مع تحديد أبوجا موعدا رسميا للشروع في أشغال خط الغاز نيجيريا – المغرب.
وكان وزير الدولة للموارد النفطية في نيجيريا، إكبيريكبي إيكبو، قد أكد أواخر نونبر الماضي، أن بداية أشغال البنى التحتية في مشروع خط الغاز الطبيعي نيجيريا – المغرب، ستنطلق سنة 2024، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق مع مجموعة من الدول التي سيمر المشروع من أراضيها قبل الوصول إلى المملكة، معلنا عن هذا الخبر أمام وفد من السفراء المغاربة ومن بينهم سفير المملكة في أبوجا موحا أوعلي تاغما.
ومن جهته كان وزير خارجية النيجر قد مثل بلاده في اجتماع مراكش السبت الماضي، الذي أكد خلاله، إلى جانب نظرائه من مالي وبوركينافاسو وتشاد، انخراط بلدانهم في المبادرة الدولية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس، بتاريخ 6 نونبر 2023، لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، والتي تتيح فرصا كبيرة للتحول الاقتصادي للمنطقة برمتها.
وشدد الوزراء، في البيان الختامي للاجتماع، على الأهمية الاستراتيجية لهذه المبادرة، التي تندرج في إطار “تدابير التضامن الفاعل لجلالة الملك محمد السادس مع البلدان الإفريقية الشقيقة عموما، ومنطقة الساحل على وجه الخصوص، والتي تتيح فرصا كبيرة للتحول الاقتصادي للمنطقة برمتها، بما ستسهم فيه من تسريع للتواصل الإقليمي وللتدفقات التجارية ومن ازدهار مشترك في منطقة الساحل”