تصر كوريا الشمالية على عدم وجود ولا حتى إصابة واحدة في البلاد بفيروس كورونا الجديد، رغم تقارير وأدلة تشير إلى عكس ذلك.
وإذا كانت ادعاءات بيونغ يانغ صحيحة، فستكون كوريا الشمالية، التي لديها حدود برية كبيرة مع كل من الصين وكوريا الجنوبية وهما من بين الدول الأكثر تضررا بفيروس كورونا في العالم، من بين قلة من دول العالم التي لم تكتشف فيها أي إصابة بوباء “كوفيد-19“، الذي أدى إلى إصابة أكثر من مليون شخص ووفاة ما يزيد على 59 ألف.
وتتضارب التصريحات الكورية الشمالية الرسمية مع آراء خبراء يقولون إنه من المستبعد للغاية أن تنجو الدولة من فيروس كورونا الجديد دون أن تلحق بها أي أضرار، على الرغم من أنها تصرفت في وقت مبكر بشكل حاسم وقامت بإغلاق حدودها.
وجاء أحدث ادعاء بخلو كوريا الشمالية من الفيروس في مقابلة أجرتها وكالة فرانس برس مع مدير المقر المركزي الكوري الشمالي للطوارئ ضد الوباء، باك ميونغ سو.
وفي المقابلة قال باك ميونغ سو إنه “لم يصب شخص واحد بفيروس كورونا الجديد في بلادنا حتى الآن”، ونسب الفضل في “الإجراءات الوقائية والعلمية، مثل عمليات التفتيش والحجر الصحي لجميع الأفراد الذين يدخلون بلدنا وتطهير جميع السلع تماما، وكذلك إغلاق الحدود وإغلاق الممرات البحرية والجوية”.
وكان باك ميونغ سو قدم تأكيدات مماثلة في 25 مارس، قائلا إنه “لحسن الحظ” فإن البلد لم يعاني من إصابة واحدة.
وجاءت تأكيدات المسؤول الكوري الشمالي عقب حديث للزعيم كيم جونغ أون، في الأول من مارس الماضي، حين قال لكبار المسؤولين إنه “في حالة ما إذا كان المرض المعدي المنتشر خارج نطاق السيطرة قد وصل إلى بلدنا، فسوف تترتب عليه عواقب وخيمة”.
وفي وقت سابق، أظهرت صور نشرت في وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية الزعيم كيم وهو يترأس تجربة صاروخية دون تغطية وجهه بقناع، في حين أن جميع الصور الدعائية الأخيرة أظهرت أن مسؤوليه يرتدونها.
وفي حين أن التصريحات العلنية من مسؤولي كوريا الشمالية تصر على خلو البلاد من الوباء، إلا أن تصرفات بيونغ يانغ تشير إلى حقيقة أخرى، وفقا لصحيفة “الإندبندنت” البريطانية.
فقد طلبت الحكومة مرارا كميات متزايدة من الإمدادات الطبية من حلفائها ووكالات المساعدة الدولية خلال فترة تفشي الوباء، مما دفع الأمم المتحدة إلى تخفيف العقوبات على الدولة والسماح بدخول المواد الأساسية مثل معدات الحماية الشخصية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في فبراير إن موسكو زودت بيونغ يانغ بنحو 1500 مجموعة اختبار بناء على طلب منها، وذلك بسبب “الخطر المستمر لكوفيد-19 الجديد”.
وبالإضافة إلى ذلك، تم احتجاز حوالي 380 أجنبيا، معظمهم من الدبلوماسيين، لمدة أسابيع في بيونغ يانغ، مع رفع القيود عليهم في أوائل مارس.
ووصف سفير روسيا لدى كوريا الشمالية، ألكسندر ماتسيغورا، الظروف بأنها “مدمرة معنويا” حيث تم إجلاء الكثيرين بعد انتهاء الإغلاق.
كما تعرض مواطنو كوريا الشمالية أنفسهم للأمر نفسه، حيث أخضع ما يصل إلى 10000 منهم للحجر الصحي، وفقا لتقرير نشره موقع “أخبار كوريا الشمالية”، فيما ألغيت التجمعات وبقيت القوات العسكرية في ثكناتها، لمدة 30 يوما بين شهري فبراير ومارس.
وتعليقا على هذه التقارير قال قائد القوات الأميركية في كوريا الجنوبية الجنرال روبرت أبرامز، إن بيونغ يانغ “اتخذت إجراءات قاسية عند معابرها الحدودية وداخل تشكيلاتها العسكرية للقيام بالضبط بما يفعله أي شخص آخر، وهو وقف الانتشار”.
من جانبه قال المتخصص في شؤون كوريا الشمالية والمحاضر في الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية بالجامعة الوطنية الماليزية، هو تشيو بينغ، إن هناك “تناقضات واضحة في تصريحات بيونغ يانغ الرسمية، تتأرجح من نحن بحاجة إلى مساعدة طبية بشأن هذا الوباء إلى ليس لدينا حالات إيجابية”.
وكان الزعيم الكوري الشمالي قد أمر بحسب ما نشرت وسائل إعلام حكومية في مارس الماضي، ببناء مستشفى ضخم في العاصمة على أن يكون جاهزا في أكتوبر المقبل.
وبدا أن الزعيم الكوري الشمالي صارم في موعد إنجاز المشروع، إذ أكد على أولوية المشروع حتى ولو حساب مشروعات الإنشاء الأخرى في البلاد، كما قال.
وأقر بأن القطاع الصحي في البلاد يعاني من أوضاع متردية، وقال إنه يشعر بالألم لغياب المؤسسات الصحية الحديثة في العاصمة.
بدوره أكد موقع “أن. كي. نيوز” المتخصص في شؤون كوريا الشمالية، أن عمليات التشييد بدأت في الأسبوع الأخير من شهر يناير الماضي، وفقا لصور فضائية حصل عليها.
ويتزامن هذا التاريخ مع تفشي فيروس كورونا في الجارة الصين، الأمر الذي يثير علامات استفهام حول سبب بناء المستشفى، الذي لم تظهر أي أحاديث عن خطط بنائه في الأشهر الأخيرة، مما يعزز ارتباطه بقصة كورونا.
وخرق ظهور جنود وعمال في أعمال الحفر الممهدة لإنشاء المستشفى، العديد من التعليمات الصارمة بخصوص فيروس كورنا، إذ ظهرت تجمعات كبيرة من العسكريين والعمال للمرة الأولى، على الرغم من أن هذا الأمر كان محظورا في فبراير الماضي.
ويقول موقع “أن. كي. نيوز” إن التجمعات اختفت في وسائل إعلام كوريا الشمالية خلال الأسابيع الأخيرة، مضيفة أن النظام في كوريا الشمالية ربما يريد إظهار أن الأمور على ما يرام في بلاده، أن الرغم من أن كل المشاركين تقريبا كانوا يرتدون الكمامات.